رأي في السياسة

آخر العناوين...

16‏/7‏/2016

" الخبطة" الأتاتوركية الأخيرة...




تركيا "الأردوغانية" ،  أعلنت اليوم السب بشكل مؤكد على فشل المحاولة  الانقلابية ، بعد مواجهات  دامية بين مجموعة الانقلابية و القوات التي بقت موالية للنظام ومن وراءها عشرات الآلف من الأشخاص الذين نزلوا للشوارع دعما للشرعية  ...
حصيلة ليلة من المواجهات كانت ثقيلة جدا ، عشرات القتلى و المئات الجرحى بين صفوف القوات الموالية و المدنيين. وعلى حسب مصدر عسكري أكثر من مائة انقلابي قضوا في المواجهات...
رغم تأكيدات السلطات التركية أن المحاولة فشلت لكن المؤشرات الميدانية تشير أن الوضع مازال بعيدا ليعود إلى حالته ما قبل محاولة الانقلاب...
 الدخول إلى قاعدة "انجرليك" الإستراتيجية مازال  مغلقا   و العمليات الجوية التي تقوم بها الولايات المتحدة انطلاقا من هذه القاعدة ضد "المجموعات المسلحة" مازالت أيضا معلقة  ...
ولقد أعطيت الأوامر لوحدات العسكرية الأمريكية في تركيا في اخذ الاحتياطات القصوى ، بينما الفرنسيين في اسطنبول تلقوا الأوامر من قنصليتهم  بالبقاء في بيوتهم...
على حسب مصادر عالمية متتبعة للحدث  ، 2839 عسكري لهم علاقة بمحاولة الانقلاب الفاشلة ، تم القبض عليهم  ، رقم كشف عنه رئيس الحكومة التركية ، من بينهم قائد الجيش الثالث برتبة جنرال، متوعدا إياهم  بالعقوبة التي يستحقونها...
العملية شملت الميدان القضائي أيضا ، واحد من 17 قاضيا الذين يشكلون المجلس الدستوري تم إلقاء القبض عليه ، أيضا تم طلب من اليونان ترحيل ثمانية ضباط و ضباط الصف هربوا إليها على متن مروحية...
السلطات التركية تتهم أيضا الداعية الموجود في الولايات المتحدة ، فتح الله غولن، بأنه وراء هذه الاضطرابات ، اتهامات يرفضها بقوة حليف أردوغان السابق قبل أن يتحول إلى خصم و عدو...  
يمكن وصف محاولة الانقلاب الفاشلة ب"خبطة" الديك الأخيرة. الديك عندما يتم نحره من "الوريد" إلى "الوريد" ، يقوم بانتفاضة قوية حتى تحسبه أنه يقوم بهجوم كاسح على من نحروه ، تسمى "خبطة" أو "رقصة " الديك الأخيرة ...
نفس الوصف قد ينطبق على بقايا "الأتاتوركية" ، الذين اكتسحهم حزب العدالة و التنمية بقيادة رجل تركيا التاريخي و  القوي "رجب طيب اردوغان"...
 هؤلاء قد تكون محاولة الانقلابية التي قاموا بها "خبطتهم" الأخيرة قبل الاستسلام للأمر  الواقع ، على الأقل، المدى المنظور...
قد يكونوا هؤلاء أرادوا تكرار ما حصل في مصر لكن الفرق أن العسكر في مصر تصرفوا  بسرعة و لم يُترك للرئيس المنتخب حتى معرفة بدقة باب مكتبه وطاقم المحيط به...
أما في تركيا فكان الوقت جد كافي للحزب أردوغان لمد عروقه في المجتمع التركي الشعبي و المؤسساتي من الصعب أو من المستحيل اجتثاثه بمحاولة انقلابية بهذا الحجم...
الأكثر المستفيد من هذه المحاولة الفاشلة ، الحزب الحاكم في تركيا نفسه ، فقد أعطوا له هؤلاء الانقلابيين فرصة على طبق من الذهب لا تُعوض كي يتم استكمال بشكل مغلق ترسيخ وجوده و تصفية ما تبقى من بقايا "الأتاتوركية" ، التي كانت منذ سقوط الدولة العثمانية المهيمن  الوحيد على مفاصل الدولة التي أساسها "كمال أتاتورك" ...
بدون أدنى شك ،  ستكون هناك تصفية شاملة و معمقة في المؤسسة العسكرية بمختلف فروعها ، و بذلك سيُقطع  الذراع الحامي و الضارب "للمنهج الأتاتوركي" ، لصالح تركيا الحديثة بمنهج "سليمان الفاتح أو القانوني الثاني"، في شخص "رجب طيب أردوغان"  ...






بلقسام حمدان العربي الإدريسي
16.07.2016
       

ليست هناك تعليقات:

بحث مخصص