رأي في السياسة

آخر العناوين...

2‏/7‏/2013

"شبيحة" الإعلام ...

إذا كانت هناك "شبيحة" الميدان التي تقتل الناس بالسلاح الأبيض و السلاح "الأحمر" ، وبأي سلاح يقع بين يديها حتى لو كان ذلك سلاح دمار شامل ، دعما و خدمة لنظام قائم أو مناوئ ...
 فهناك "شبيحة" أخرى لا تقل خطورة عن الأولى  ، ألا وهي "شبيحة الإعلام "، التي تستعمل أدوات أشد فتكا من سلاح "شبيحة الميدان"  ألا وهو سلاح التمويه الإعلامي وفن التغليط وتزييف الأخبار  وتزيين ما هو قبيح وشيطنة ما هو حق،  واستعمال فن البلاغة وقواعد نحوية جديدة من رفع المنصوب ونصب الفاعل واستعمال حروف الجر لكي ترفع بها الأفعال . أو النفاق   و التزلف و التملق الإعلامي خدمة ل "حاجة في نفس يعقوب"...
رغم أن الإعلامي دوره ليس صنع الحدث و إنما نقل المعلومة كما هي    .   لكن ، للأسف ما هو حاصل في الإعلام ، بالخصوص العربي ، أن كثير من الإعلاميين تحولوا إلى صناع الحدث وكل واحد يصنعه على حسب ميوله وتوجهه الأيدلوجي و السياسي.   والإعلام "المزور"  كان له عبر التاريخ دورا بارزا في صناعة وتشويه الحدث  لتصبح الحقيقة منقوصة و مشوهة .
وإذا نظرنا إلى الماضي الغير بعيد ، كيف أن قوة الإعلام النازي كانت توازي أو تفوق قوته العسكرية  التي كاد  يسيطر بها على العالم أجمع ، قاعدة هذا الإعلام (النازي) ، "الكذب" ثم "الكذب" ثم "الكذب"، حتى يصدقونك الآخرين...
وإذا نظرنا للإعلام العربي "الأوحد" قبل الانفتاح ، كانت نفس القاعدة تطبق وآخر من كان يعلم بالحقيقة هو المواطن ، وفي أغلب الأحيان تلك الحقيقة  يعلمها بالتقسيط  ربما لكي لا تصيبه سكتة دماغية فجائية عندما يعلم  بالحقيقة التي في اغلب الأحيان عكس تماما ما كان ينقل إليه ،هذا كان علم  بها أصلا ولا تبقى سرا من أسرار الدولة...  
وخير مثال على دور هذا الإعلام "الأوحد"  والذي كان لا ينافسه في ميدان أحد ، كيف كان ينقل أخبار المعارك على جبهات القتال مع العدو الصهيوني ، بالخصوص حرب 1967 ، حتى ظن هذا المواطن أن الجيوش العربية هي على أبواب القدس وأن القيادة الإسرائيلية انهارت وهي بصدد حزم أمتعتها و الهروب بحرا...
ليكتشف في النهاية أن القوات العدو هي على ضفاف قناة السويس ولولا سرعة وقف إطلاق النار  لكانت على أبواب القاهرة و كان ينقل لذلك المواطن أن أسراب الطيران العربي ألحق  خسائر فادحة في عمق الأراضي المحتلة ...
 ليكتشف في الأخير أن تلك القوات تم تدميرها وهي جاثمة أرضا . ولولا ستر الله لتم قتل أو أسر القائد الأعلى للقوات المصرية وهو في الجو والذي كان لا يعلم أن الحرب على وشك الوقوع  ...  
وفي وقت أقرب ، كيف كان وزير الإعلام العراقي يخرج على الناس ، أثناء الغزو الأمريكي الأخير ،  ببلاغات حماسية حتى تخيل المواطن العربي أن قوات الغازية تنتحر  بصفة جماعية على أبواب كل مدينة أو بلدة عراقية تمر بها  ليكتشف في الصباح دبابات الاحتلال تتجول ، كأنها في استعراض عسكري ، في شوارع بغداد...
صحيح استفاد المواطن العربي من هذا الانفتاح الإعلامي وأصبح  ، على الأقل ، يعلم الحقيقة كاملة وليس بالتجزئة أو بالتقطير وكثير من الأحيان كان لا يعلمها (الحقيقة)  أبدا لتبقى سرا ولغزا...  
لكن هذا الانفتاح الإعلامي الذي يوجهه المال و السياسة وأغراض شخصية لا تقل سلبياته عن الإعلام الأوحد الموجه والفرق بينهما ، تماما كالفرق بين "الشبيحة الأولى " و "الشبيحة الثانية"...  





 بلقسام  حمدان العربي الإدريسي

             30.06.2013


ليست هناك تعليقات:

بحث مخصص