ما شدني الانتباه
ليس حكم البراءة الصادر في حق الرئيس المصري المخلوع ، لأن هذا الحكم كان منتظرا
من الجميع بعد أن تمكن النظام المنهار من استعادة أنفاسه والعودة
للحكم بقوة...
لكن الذي شدني
بقوة طريقة النطق بالحكم من طرف القاضي الذي أصدر هذا الحكم ، بعد تكرارها مرتين في المرة الثانية شدد على
أحرف "براءة" ، مستعملا الشدة
على كل حرف من حروفها ...
لا يعرف ما وراء
ذلك أهي عفوية أم رسالة مشفرة إلى جهات محددة أم هي نشوة نصر و رصاصة الرحمة التي أطلقت بهذا
الحكم على ما تبقى من الثورة الشعبية التي هزت أركان "عزيز مصر"...
رغم أن نفس القضاء
وبنفس القوانين تمت إدانة نظام حسني مبارك ووجد هذا الأخير مذنبا وصدر ضده حكم
بالسجن المؤبد ، وهو حكم مخفف من الحكم بالإعدام لظروف أخذت بها المحكمة ، ربما من بينها سن المتهم...
فما هي المتغيرات
القانونية التي طرأت حتى يلغى هذا الحكم واستبداله ب " براءة" مشددة (الشدة على الحروف)، أهو تقصير من القاضي
الأول الذي أصدر الحكم بالسجن المؤبد أم من القاضي الثاني الذي ألغاه ، أم
القوانين القضائية نسبية يقرأها كل قاضي بأحرف أبجدية مختلفة...
وإذا كان القاضي
الثاني وجد بأن الرئيس المخلوع مظلوم كما
ظلم الذئب في قضية سيدنا يوسف عليه السلام ، والذي اتهم ظلما و بهتانا بأنه سفك دم
ابن يعقوب عليه السلام...
فلا يعني ذلك أن
الذئب بريء من تهم أخرى الخطف و القتل و سفك دماء مخلوقات من صنفه و الاعتداء بدون
وجه حق على ممتلكات الغير...
هذا الذئب صادر في حقه قرار إنساني غير قابل
للطعن بالقبض و الإعدام الفوري حتى ولو وجد
بريئا في قضية محددة ...
بمعنى ، إذا كان
نظام حسني مبارك بريء من تهمة أو تهمتين فهناك العشرات وربما المئات التهم من بينها تمس سيادة وسلامة البلد و ترقى بالمفهوم الجنائي إلى "الخيانة
العظمى" ، من تبذير ثروات ومقدرات البلاد لصالح جهة معادية تاريخيا و
استراتجيا...
لكن ، لا بد من إنصاف
هذا الرجل ، رغم كل المساوئ التي ألصقت إلا أنه يمتاز بخصلات حميدة أهمها انسحابه المبكر
قبل أن تتعفن الأمور وتركه للمنصب عندما
تأكد لديه أن الأمور خرجت عن السيطرة ولم يصر على البقاء وسفك المزيد من الدماء ،
كما هو حاصل في بلدان أخرى ...
والخصلة الثانية ،
صحيح أنه لم يكون رحيما بأهل غزة المحاصرين ، إلا أنه غض الطرف ، ورغم التهديد الكلامي إلا أنه ترك لهم متنفسا
من الهواء تحت الأرض...
مقارنة بخليفته
الذي نفذ في أيام ما لم ينفذه حسني مبارك في عقود . نسف الأنفاق وجرف المنطقة بعدة
كيليمترات وتعرية أهل غزة تحت وفوق الأرض...
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
05.12.2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق