رأي في السياسة

آخر العناوين...

28‏/7‏/2018

"حلف ناتو عربي"...


على حسب ما تتناوله بعض من وسائل إعلام عالمية ،  إدارة الولايات المتحدة الأمريكية الحالية ، بقيادة دونالد ترامب ، تسعى بكل جدية إحياء فكرة إنشاء تحالف امني وسياسي  استراتيجي مع دول عربية ، قد يكون على شاكلة الناتو ، لكن بنسخة عربية أو اختصارا "ناتو عربي" ...
 المثير في حيثيات هذه الأفكار التي يتم تداولها أن هذا الحلف  موجه أساسا للمسلمين السنة لمواجهة إيران الشيعية . بمعنى واضح ، اقتتال "سني- شيعي"... 
ربما ، محاولة تكفير عن ذنب خذلان طائفة السنة وترجيح كفة تفوقهم بتغليب الفرع على الأصل في عدة مناطق في الشرق العربي وإعادة ترتيب المنطقة في غير صالحهم ...
 وذلك من خلال توجيهات الكيان الصهيوني ، الذي هو بمثابة مركز بحوث  الإستراتيجية و الأمنية للولايات المتحدة ، الذي (الكيان الصهيوني) يرى في المكون السني الخطر الحقيقي لوجوده وليست تلك الشعارات الجوفاء التي يرددها المكون الإسلامي الآخر المناوئة له ،التي تردد فقط لتعبئة المعنوية و لأغراض سياسية فقط  ...
المهم ،  دونالد ترامب و منذ وصوله إلى سدة الحكم أفكاره و قراراته المثيرة للجدل ، تماما كطريقة فوزه في الانتخابات زوبعتها  مازالت لم تهدأ بعد ، تدل بوضوح أن خلال عهدته الرئاسية ، حتى في حالة عدم تجديدها ، ستكون كافية لخلخلة طرف المعادلة المتركزة عليها إمبراطورية "عام سام"...
المعروف   معادلة تواجد الإمبراطوريات هي  القوة تساوي الحكمة، لن تصبح تسمى كذلك إذا أختل طرف على طرف آخر وتصبح تسمى "متراجحة".  كذلك استمرارية الإمبراطوريات في الوجود متركز على هذين العنصرين ، القوة و الحكمة... 
و لا يُعرف إن كان من الحكمة التفريط في تحالف استراتيجي مع حلفاء تقليديين على وزن الأوروبيين ، الذي أصبح هذا الحلف مهدد بالانفراط بسبب تهديدات ترامب له ...
بحجة عدم التكافؤ بين الجانبين في مخصصات المالية للحلف ويُطالب الأوروبيين بالضخ المزيد من الأموال لكي تستمر عضوية الولايات المتحدة فيه   والتفكير في إنشاء تحالف آخر يكون مبني على المال مقابل الحماية  ...
بالرؤية الإستراتيجية يعني ذلك  ، إن حصل ،  انكماش إلى ما وراء مياه المحيط الأطلسي وترك الخطوط الأمامية المتمثلة في القارة الأوروبية لصالح وضع استراتيجي عالمي جديد ينسف كل الانتصارات المكتسبة من سنوات الحرب الباردة ...
المثير ،  فكرة إنشاء هذا نوع من الأحلاف (حلف ناتو عربي) ، يلقى رواجا كبيرا  في أروقة الحكم العربي  وترويج له أنه سيصبح مظلة للأمن العربي و تصبح هذه  الدول تعتمد على هذا الحلف لحماية نفسها من خصومها، لكن السؤال المطروح ، من هم هؤلاء الخصوم ؟...
 بدون أدنى شك ليست إسرائيل ، التي تحتل الأرض و تهتك العرض. لأن لا يمكن لأمريكا أن تتحالف حتى مع نفسها لكي تلحق ضرر بفلذة كبدها...
بالمختصر المفيد ،  إذا عدنا للمعادلة المذكورة آنفا ، (القوة تساوي الحكمة)، لا يمكن أن يكون هناك تحالف فعلي بين طرفين...
  طرف  يملك القوة و لا يملك الحكمة و طرف يملك المال و لا يملك القوة . ويصبح الطرف الثاني خاضع بماله لقوة طرف  لا حكمة له و انعكاسات ذلك معروفة لا داعي للغوص فيها أكثر...



بلقسام حمدان العربي الإدريسي
28.07.2018


ليست هناك تعليقات:

بحث مخصص