رأي في السياسة

آخر العناوين...

12‏/1‏/2015

ازدواجية المشاعر...



هرول الجميع إلى العاصمة الفرنسية لمشاركة الشعب الفرنسي المصاب الذي حل به المتمثل في الاعتداء الذي حصل على صحيفة "شارلي إبدو " ، و عملية احتجاز رهائن في إحدى المطاعم و سقوط عدد من القتلى...
والمشاركة الشعب الفرنسي في هكذا مصاب وهو شعور إنساني نبيل لا شك و لا جدال فيه وقتل وخطف الناس خارج الإطار القضائي هو عمل إرهابي ...
لأن ليس من حق أن يأخذ الشخص القانون بيده وإلا أصبحت فوضى عارمة تصبح الناس تقتل جزافا على الطرقات و داخل وخارج النقل العمومي وفي أي مكان لمجرد اختلاف أو سوء تفاهم بسيط...
لكن شتم الناس واهانة مشاعرهم بتعمد و مع سبق الإصرار هو أيضا عمل إرهابي ، الأول يقتل النفس بالرصاص و الثاني يقتل المشاعر بالحبر و القلم ...
إن ما تقوم به "شارلي إبدو " ، وغيرها من صحف على شاكلتها ، من نشر تلك الرسومات المسيئة لرسول الكريم ولمقدسات الأمة ،هي تعلم بدون أدنى شك أنها تستفز مشاعر أكثر من مليار مسلم جزء منه يعيش في فرنسا وبذلك هي (أي الصحيفة المذكورة و غيرها) ، تحاول إشعال الفتنة في المجتمع الفرنسي بين مكوناته المختلفة العرقية و الدينية وتهديد السلم الاجتماعي...
وهذا كان كافي كقرائن للعدالة الفرنسية لتلجم هذه التجاوزات المختبئة تحت غطاء حرية التعبير . لأن حرية التعبير لم يكون يوما من أيام حجة للنيل من و الاعتداء على مشاعرهم الآخرين...
هناك ناس يعتقلون و يسجنون لمجرد كلمة قالها و كتبها ضد مسؤول هنا أو هناك، و تصبح كل ذلك حرية التعبير إذا تعلق الأمر بقدح و شتم و اهانة لأنبياء و رسل...
هذه ازدواجية المعايير ، تتبعها ازدواجية المشاعر . رأي العالم كيف كانت العاصمة الفرنسية وهي تستقبل عشرات الوفود الرسمية الذين تهافتوا من كل فج عميق تعبيرا عن تضامنهم...
وأكثر ما تشمئز له النفس ، رؤية في مقدمة تلك الوفود رئيس وزراء الكيان الصهيوني وهو يتحدث بكل وقاحة عن "الإرهاب الإسلامي"...
لا يعرف إن كان هناك أوجه تشابه بين ما حصل في فرنسا و ما حصل و يحصل في فلسطين منذ اغتصابها سنة 1948 إلى يومنا هذا ...
مرورا بمجازر تدنى جبين البشرية من مجزرة مخيم "صبرا و شاتيلا" إلى مجزرة" قانا" إلى الإبادات الجماعية المتكررة و المتسلسلة على "قطاع غزة"...
وإذا كان "إرهابيون" احتجزوا وقتلوا بضعة أشخاص في فرنسا ، فأي وصف يلاءم من قتل و يحتجز أكثر من مليون شخص تحت الجوع و الموت في القطاع ...







بلقسام حمدان العربي الإدريسي
12.01.2015

ليست هناك تعليقات:

بحث مخصص