الإمبراطوريات عبر التاريخ
، في السابق والحاضر وتبقى للمستقبل ، تنشأ بمعادلة محددة يكونا فيها الطرفين
متساويين :"القوة تساوي الحكمة "...
وأي اختلال في طرف من طرفين المعادلة تسقط تلك
الإمبراطورية. و لا يمكن تصور إمبراطورية عديمة القوة وأيضا لا قيمة لتلك القوة
إذا كانت عديمة الحكمة...
بمعنى ، الإمبراطورية مهما
امتلكت من القوة لكن يحكمها ويسيرها من
غير العقلاء و الحكماء لا يرون الأمور بعين الحكمة ويتصرفون بتهور فان تلك الإمبراطورية مصيرها الزوال. أيضا
، إمبراطورية مهما امتلكت من حكماء و عقلاء بدون قوة فلا احد يعير اهتمام لها و
لعقلائها...
ولنا خير أمثلة عبر
التاريخ لإمبراطوريات زالت من الوجود باختلال طرف من طرفي المعادلة. ولكي لا نسبح طويلا
في أعماق التاريخ ، نذكر مثال قريب لذاكرة البشرية ...
"الرايخ الثالث"
، مثال حي على صحة المعادلة المذكورة ،
كان بإمكان أن تصبح ألمانيا النازية إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس لألف
سنة على الأقل ، كما خُطط أن تكون...
إمبراطورية امتلكت طرف من
المعادلة وغاب عنها الطرف الآخر. امتلكت القوة الكاسحة وفاجأت العالم بنوعية
صناعية لم يكون بتخليها أحدا في ذلك الوقت...
لكن المعادلة لم تعود كذلك
عندما أصبحا طرفيها غير متساويين. وغاب طرف الحكمة المتمثلة في شخص كان يقود هذه
الإمبراطورية الناشئة المتمثلة في "فوهرر" بمرتبة "معتوه"...
لنفترض أن تلك القوة
الضاربة كان على رأسها شخص حكيم لأختلف الأمر وأعلام "الصليب المعقوف" هي
الآن ترفرف في كل أنحاء قارات العالم...
لكن الله عز وجل عندما لا
يريد خيرا لأمة من الأمم يُسهل الوصول ويسلط عليها من غير العقلاء و
الحكماء لتكون على أيديهم عملية السقوط
والزوال ...
حتى هندسيا و فيزياء ، المواد الصلبة (rigides ) تنكسر و تفتت بدل المواد التي لها ليونة و
مرونة (plasticité ) تقاوم عملية الانكسار
لأنها تنحني لتبقى...
وإذا سحبنا ما حصل للرايخ
الثالث الذي دام بضع سنين بدل الآلاف ، ينطبق بالتمام و الكمال على إمبراطورية
"العام سام" ...
إمبراطورية بناها و أسسها العظماء و العقلاء على وزن "جورج
واشنطن" والذين أتوا من بعده و الذين أعطوها
زخما و قوة حتى وصلت إلى ما وصلت إليه...
لكن المعادلة بدأت
بالاختلال عندما بدأ يتولى أمور هذه الإمبراطورية أصناف أخرى على وزن "جورج
بوش الابن" ووزير دفاعه السىء الصيت ...
الذي يكونا دقا أول مسمار في تابوت هذه الإمبراطورية و عرا
(تعرية) عورتها للجميع واستنزفا قوتها في
"محاربة الإرهاب في جبال تورا بورا" وصحراء الرمادي ...
هذه الإمبراطورية الذي كان
يخشاها الجميع أصبحت من العجز عدم استطاعة قوتها الضاربة اقتحام مدينة بحجم الفلوجة ويشنق جنودها على
الجسور القديمة للمدينة...
ويكون المسمار الثاني (وربما
الأخير ، من يدري)، هو انتخاب شخص مثل
دونالد ترامب ، الذي بدأ في تعيين الأشخاص
الأكثر تشددا ليتولوا مناصب حساسة و مصيرية ، مثل تعيينات اليوم الجمعة لمناصب
العدالة و الاستخبارات و الأمن القومي...
وإذا كان الأستاذ الجامعي
الوحيد الذي تنبأ بفوز ترامب بدل كلينتون لرئاسة
الإمبراطورية لكنه هو نفسه تنبأ فيما بعد أنه ، أي ترامب ، سيتم إزاحته. ربما إزاحته ستتم بسقوط الإمبراطورية
نفسها...
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
18.11.2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق