" مجموعة أهم الأحداث" : مرت الذكرى التاسعة للغزو الأمريكي على أفغانستان ودخلت الحرب عامها العاشر .حرب بدايتها سهلة بالنسبة للقوات الغازية ، لعدم تكافؤ في ميزان القوى بين الطرفين بجميع أصنافها العسكرية و الغير عسكرية.
لكن بعد تسعة سنوات أحست أمريكا ، ومن ورائها حلفائها الذين هبوا لمساعدتها ، أنها أمام أمرين لا ثالث لهما إما الهزيمة العسكرية أو البحث عن مخرج يحفظ لها قليلا من ماء الوجه .
وإذا كانت الولايات المتحدة استطاعت في العراق تحويل هزيمة إلى مجرد فشل ، لعدة عوامل معروفة في مقدمتها تمكنها من إيجاد مجاميع وتسليحها لمحاربة نيابة عنها و التخفيف الضغط عنها ، فان في أفغانستان يبدو الأمر أصعب عليها لتكرار تلك التجربة .
ولم تنفع تغيير الاستراتجيات ورفع عدد القوات المقاتلة إلى أكثر من مائة و ثلاثين الف عسكري . ولم تجد الولايات في الأخير مفر من مخاطبة ود حركة طالبان وإيعاز إلى رجلها كرازاي إلى إنشاء بما يعرف بمجلس السلام للاتصال بالحركة.
ولا يعرف كيف تقبل الحركة بهذا المسعى وهي في أوج قوتها عسكريا و معنويا و لا يتوقع أحد أن ينجح كرازي في مسعاه و لا تلفت إليه الحركة و لدموعه الحارقة التي سالت وهو يدعو إلى هذا السلام ، خوفا على مستقبل ابنه و أبناء هذا البلد ، كما جاء في كلامه ، وكان يمكن لهذه الدموع أن تجد صدى لو سالت في بداية الغزو ، عندما كانت تلك الآلة الجهنمية تحصد الأخضر و اليابس وتسوي جبال "تورا بورا" بالأرض ...
المحصلة بعد هذه السنين الطويلة من الكر و الفر بين استراتجيين متناقضتين تماما ، جيوشا جرارة في مطاردة فلول مسلحة لا يعرف متى وأين تضرب ضربتها خاطفة ربما بقذيفة أو أكثر قليلا لا تساوي الواحدة منها أكثر من بضع دولارات.
يقابلها رد فعل بري و جوي لا يعرف كم من ملايين الدولارات تحرق من خلال ذالك، مما يؤدي إلى استنزاف بشكل دوري تلك القوات ماديا و معنويا . أضف إلى ذالك رد فعل تلك القوات يكون في غالب الأحيان عشوائي وذات طابع انتقامي على المدنيين العزل ، مما يزيد عزلتها و الحنق عليها جماهيريا .
مما اقنع عدة خبراء في شؤون الأفغانية منهم من الأمريكيين أنفسهم و توصلهم إلى قناعة أن الحملة العسكرية "البوشية" (نسبة إلى رئيس بوش قائد الحملة) ، فشلت فشلا ذريعا في مواجهة المد المتصاعد لحركة المقاومة الأفغانية طالبان، في حين حققت هذه الحركة انتصارات إستراتيجية ومعنوية أصبحت جيوش الاحتلال "المكدسة" في هذا البلد عاجزة عن "لجم" هذا المد المتزايد بقوة و إصرار.
و خلاصة ما توصل إليه هؤلاء الخبراء ، بأن الانتصار العسكري الساحق على حركة طالبان أصبح ضرب من الخيال وسابع المستحيلات وعلى الولايات المتحدة ، كما يتصور هؤلاء الخبراء ، حذف من قاموسها الخطوط الحمراء و عبارات "الاستئصال" وكلمة مثل "القضاء النهائي " على حركة طالبان ، والبحث عن عبارات أخرى يمكن من خلالها إيجاد صيغ تكون ،ربما، مقبولة من هذه الحركة أو قسم منها ، كما يسمونهم "المعتدلين" ، إن وجدوا .
ومما زاد أيام الولايات المتحدة و حلفائها أكثر سوادا ، الضرب الشبه اليومي للخطوط الإمدادات من طرف حركة طالبان باكستان. ولم تنفع معها الضربات المركزة والمكثفة للطائرات بدون الطيار ، ويبدو كلما ازدادت صواريخ هذه الطائرات في الجو ازدادت النيران التهابا أرضا في الحاويات و ناقلات المحروقات ، عصب شريان استمرار تلك القوات ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق