في موضع سابق ، تطرقت من خلال وجهة نظري ، وعرفت على حسب مفهومي كيف تنشأ الإمبراطوريات
و أسباب زوالها...
قلت ، الإمبراطوريات خاضعة رياضيا لمعادلة بسيطة ذات طرفين متساوين من
الدرجة الأولى ، بمعنى فهمها وحلها ليس بالأمر الصعب...
المعادلة ، بمعنى اللغوي تعادل طرف للطرف المقابل وعندما يختل أحد الطرفين
تختل المعادلة وتصبح متراجحة و ليست معادلة...
نفس الشيء للإمبراطوريات، إذا اختل طرف من طرفي وجودها ، وهما : القوة
تساوي الحكمة ، يعني الاندثار و الزوال...
وهذا نفس الشيء مما هو حاصل للإمبراطورية "العم سام". بوصول ترامب
ومن قبله جورج بوش الابن ، بدأ طرف الحكمة في الاهتزاز...
زوال الإمبراطورية يبدأ في الانكماش والانغلاق ببناء الأسوار والجدران والقرارات العشوائية والغير حكيمة. في الحقيقة
الاختلال ، كما ذكرته سابقا و أيضا آنفا ، بدا من حقبة جورج بوش وطاقم فريقه من
المحافظين الجدد على وزن رامسفيد و أصدقاءه الأكثر تشددا منه ، لا داعي لذكرهم...
هذه الحقبة (حقبة جورج بوش) ، ضيعت الإمبراطورية الأمريكية جهدا ضخما من
اعتبارها المادي و المعنوي. المادي بتبذير جهدها هنا وهناك كمحاربة "الإرهاب"
في جبال و صحاري تبعد عنها الالف الأميال في وقت
كانت هناك إمبراطوريات ناشئة مثل الصين ، تعمل في صمت اقتصاديا و عسكريا لغد تراه
قريبا لتتربع على كرسي عرش العالم...
ومعنوي ، سياسة جورج بوش المبنية على التعصب و القرارات
"الصبيانية" أفقدت الولايات هيبتها وأصبح لا أحد يعيرها أدنى اهتمام
خصوصا بعد عملية غزو العراق الذي عرى " أسد بلا أنياب"...
جيش لإمبراطورية قوته الضاربة تفشل في اقتحام مدينة على وزن الفلوجة ، إلا بعد استعمال الأسلحة الغير تقليدية وجورج
بوش الابن ، رغم وجود أكثر من 130 ألف جندي أمريكي على كل
شبر من التراب العراقي ، يخشى زيارة بغداد
علنا إلا في دجى الليالي الظالمة ومن المطار إلا المطار بلا أضواء...
وإذا أرادنا التحقق التطبيقي من المعادلة المذكورة ، (القوة تساوي الحكمة)،
علينا العودة قليلا إلى الوراء ما حصل لإمبراطورية
"الرايخ الثالث" ...
إمبراطورية كان من المفروض أن تعمر
ألف سنة على الأقل ، فلم تعمر إلا بضع سنوات وزوال ألمانيا نفسها من خارطة العالم ولم
تسترجع أنفاسها إلا حديثا. و السبب اختلال طرف المعادلة المتمثل في الحكمة...
في الحقيقة ، كل يوم وأنا أتابع في أخبار الساكن الجديد لبيت الأبيض ، مركز وعصب وجود الإمبراطورية
، ازداد يقينا أن هذا الساكن الجديد هو من يغلق الأبواب(
البيت الأبيض) ، بل أكاد أرى عن بعد في يديه تلك المفاتيح...
إلا إذا انتبه صاحب البيت المتمثل في الشعب الأمريكي وفسخ عقد الاستئجار
واستبداله بمستأجر اخر يحافظ على وجود البيت و بالتالي إمبراطوريته من الزوال و
الضياع ...
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
31.01.2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق