رأي في السياسة

آخر العناوين...

14‏/1‏/2011

"أبو القاسم الشابي متهم بالتحريض على الفوضى" !

ولو كان أبو القاسم الشابي ،رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه ، حيا يرزق لتهم ( بضم التاء ) بالتحريض على الفوضى و العصيان المدني وإخلال بالأمن العام والتطاول على القانون و النظام العام وتعريض سيادة البلد للخطر...
هذا إذا كان محظوظ و نجا من تهمة التخابر مع جهة أجنبية وتسريب معلومات حساسة لموقع "ويكيلكس" بنية التشهير و تقديم معلومات مغلوطة عن رموز البلاد وأقاربهم بهدف المس وتلطيخ سمعتهم ...
أكثر من ذلك ربما سيتهم (أيضا بضم الياء) بأنه هو من أوحى إلى كتاب أجانب بعنونة كتابهم و إعطاء له عنوان "حاكمة قرطاج" بنية الإساءة ونشر "غسيل خاص" لحرم الرئيس أمام الملأ ...
ويوجه له أيضا تهمة تحريض الناس على الانتحار حرقا والتطاول على "القضاء والقدر" وعدم الصبر على البطالة والفقر و الجوع وقلة الحاجة...
ولصدرت ( بضم الصاد) قصيدته الملحمية التاريخية التي تحرك الناس في كل زمان ومكان وتحرضهم على صعود الجبال قسرا و عدم الخوف من الظلام وكسر القيود وإجبار القدر على الرضوخ ...
ويتم سحب جميع نسخها (القصيدة) من جميع المكتبات ومن الكتب المدرسية ومن البيوت ويتم إجراء عمليات جراحية بالجملة لمسح من ذاكرة الناس أبياتها (المثيرة للفوضى)...
ولتم تحميل القصيدة و صاحبها العجز في الميزانية بسبب هروب المستثمرين و السياح وتعكير راحة أولياء الأمور الذين يسهرون على مصالحهم الخاصة بدل الاهتمام بعامة الناس ...
وبسببها (أي القصيدة) أجبر رئيس الدولة على النزول من "برجه الذهبي العالي" ليخاطب عامة الشعب بلغته و يعترف لهم بتواضع بأن "هذه المرة فهمهم جيدا" ...
ورسالتهم المكتوبة بدماء الموتى ودموع أولياءهم وحرقة فراق فلذات أكبادهم وهم يرحلون عنهم بتلك الطريقة المفجعة، وصلت إلى عنوانها بعد ثلاثة وعشرين ...
وما كانت لتصل لولا تلك القصيدة التي لحنها بروحه المرحوم "محمد البوعزيزي" في مدينة "سيدي بوزيد" ، ورددتها بعد ذلك الجميع في كامل البلاد ...
لولا تلك القصيدة أيضا لما اعترف ولي الأمر بان البطانة السيئة المحيطة به قد ضللته وزودته بالمعلومات الخاطئة عما كان يجري للبلاد وللعباد ،رغم أنه اعتراف جاء متأخرا كثيرا ...
ولما أعترف أيضا ، أن الفساد ينخر البلاد وأصبح القاعدة وعكسه الاستثناء ، و إذا كان يعلم فهذه مصيبة و إذا كان يجهل ذلك فهي مصيبة مضروبة في نفسها ...
بعد ثلاثة وعشرين سنة قرأت (بضم القاف) الرسالة وفهم المرسل إليه معانيها ،لكن يبقى السؤال المطروح هل مازال هناك وقت إضافي لإصلاح ما أفسدته تلك البطانة "المتزلفة" التي عاثت في العباد والبلاد فسادا ، أم لم يبقى وقت إلا للهروب ليلا قبل فوات الأوان...







بلقسام حمدان العربي الإدريسي
14.01.2011


ليست هناك تعليقات:

بحث مخصص