رأي في السياسة

آخر العناوين...

10‏/9‏/2018

ما وراء تهديدات حفتر...


الذي يقرأ التهديدات التي أطلقها حفتر على بلد جار ،يظن أنها صادرة من رجل دولة لبلد بكامل صلاحيات الدستورية و القانونية و في يديه زمام الأمور السياسية و العسكرية...
إلا أن الرجل في الحقيقة أمير حرب يسعى إلى فرض إرادته على المشهد الليبي . البلد الذي تمزقه الأحداث منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي ...
بعد  بما يُسمى بالربيع العربي،  الذي تبين فيما بعد أنه "ربيع مصطنع"، يدخل ضمن مخططات نسف استقرار البلدان وإعادة هيكلتها ضمن منظور دولي جديد...
الرجل ، أي حفتر ، يزعم أنه قادر على نقل الحرب في لحظات إلى حدودها ، أي حدود الدولة الجارة التي يهددها ، وأنه قادر على الدخول معها في حرب...
إذا كان الرجل في هذا المستوى من القوة تمكنه من خوض حرب مع دولة تملك جيشا و مؤسسة عسكرية بكامل تجهيزاتها القتالية الضاربة ...
 فما يمنعه إذا من فرض سيطرته الكاملة على المشهد الليبي وهو محصور في بقعة جغرافية محددة رغم الدعم الذي يتلقاه من الجهات التي آتت وزجت به لتزيد الوضع البلد تأزما و تمزيقا...        
العقيد   الأسير المتقاعد  حفتر ،الذي رُقي إلى رتبة "ماريشال" ، هو ذلك  الضابط الليبي الذي ولاه الزعيم الراحل معمر القذافي قيادة حملة ضد التشاد ثم تخلى عنه يغرق في رمالها...
حفتر ، بطل معركة "وادي الدوم" ، حتى الآن ليس هناك إحصائية تامة و كاملة عن خسائر الجيش الليبي في هذه المعركة التي كان  يقودها العقيد حقتر ...
وسُجلت في التاريخ العسكري نكبة بأتم معنى الكلمة. المعركة نفسها التي وقع فيها في الآسر القائد المذكور  نفسه مع مئات الآخرين ومقتل وفقدان آلاف الآخرين في غياهب رمال الصحراء يُجهل مصيرهم إلى الآن...     
 في الحقيقة ، لا يعرف السبب الذي جعل القذافي يتخلى عن قائد حملته ورفض إرسال له التعزيزات المناسبة لإنقاذه من مصير الأسر من طرف القوات التشادية...
قد يكون معمر القذافي كان  يدرك طموحات هذا الرجل وبعودته منتصرا من الحرب وقد يشكل خطرا عليه و ينافسه على كرسي الحكم. والأحداث بينت ربما  يكون ذلك ما كان يفكر فيه القذافي فعلا...   
رغم أن مصادر أخرى ، لا يُعرف دقتها ، تقول  أن انهزام الجيش الليبي بتلك الطريقة "المُخزية" ، لم تكون نابعة عن قوة الخصم ، أي الجيش التشادي، أو قلة إمكانيات التي وفرها النظام الليبي لقائد الحملة العقيد حفتر في ذلك الوقت ...
وإنما الأمر يتعلق بخيانة متكاملة الفصول ، وتروي تلك المصادر كيف دخلت القوات التشادية إلى مقر قيادة القوات الليبية  في وادي الدوم ، بتلك السهولة و البساطة  مجتنبة حقول الألغام التي كانت تحمي مقر قيادة الجيش الليبي وأسرت قائده و نقلته إلى نجامينا قبل أن يتم نقله بواسطة  طائرة أمريكية  خاصة إلى الولايات المتحدة. ليتم الاستعانة به لاحقا في المشهد الليبي ، معطلا وحجرة عثرة  لكل المحاولات لبناء الدولة الليبية ما بعد القذافي...
 ليتبين في الأخير أن دوره أكبر من ذلك بكثير و أنه  رأس حربة في مخططات معدة سلفا  لزعزعة استقرار المنطقة كلها و إدخالها في نزاعات و صراعات   وتصريحاته  الاستفزازية الأخيرة تكون داخلة ضمن هذا السياق...





بلقسام حمدان العربي الإدريسي
10.09.2018

ليست هناك تعليقات:

بحث مخصص