رأي في السياسة

آخر العناوين...

10‏/10‏/2008

"اللحوم الحمراء " ... !



وأنا أطالع أخر بحث طبي عن اللحوم الحمراء، "دراسة قام بها باحثون في جامعة أكسفورد وخلاصتها هي تناول اللحوم قد يزيد من احتمالات الإصابة بسرطان البروستات" ، انتابتني نشوة عارمة وراحة نفسية نادرة.
في الحقيقة ، كل ما أطالع بحث أو موضوع طبي من هذا النوع عن هذه اللحوم و علاقتها بالأمراض السرطانية و الغير سرطانية ، تصيبني هذه النشوة .
فأسارع إلى دعوة اجتماع عاجل لأفراد عائلتي شارحا لهم البحث الجديد و أهميته على صحة الإنسان ، مستعينا بكل ما أملك من بلاغة لغوية وقوة الإقناع ، لتبسيط لهم أهمية هذه الدراسة ،مضيفا إليها "روتشات" لأحصل على قناعتهم بأن عدم تناولهم هذه اللحوم لمدة طويلة "فيها خير".
لا أخفي أن هذه الحماسة مادية أكثر منها صحية.بعد أن أصبحت هذه اللحوم ،كلونها ، حامية المذاق جمرة المساس . ثروة بارك فيها الله ووهبها نعمة لعباده ، ورغم تعداد البشر لا تنضب ، لكن أيادي الإنسان و احتكاره وجشعه حرمت طبقات كبيرة من هذه البشرية من الاستمتاع بهذه النعمة الإلهية.
كل مادة تجارية تعرف النزول و الهبوط إلا اللحوم الحمراء ،"على الأقل في المناطق التي أعرفها " ، لا تعرف إلا الصعود ، وتزداد "احمرارا" في كل مناسبة دينية أو غير دينية .
وقد اهتمت بالموضوع كثير محاولا فهم هذه الظاهرة متصلا بمعارفي التجار في هذا الميدان ، فاكتشفت أن هامش الربح ،بالنسبة لهم ، مفتوح ،وأن لا يقل عن مائة بالمائة ، وتتضاعف هذه النسبة أضعاف مضعفة في كل فرصة تتاح .
ومن بين التبريرات العجيبة المستعملة : " أقصى الربح اليوم لتعويض "ربما" خسارة أو كساد السوق في المستقبل... !".
لكن ما يجهله هؤلاء أن لو قاموا بدراسة تجارية عقلانية لوجدوا أن ربحهم سيزيد كل ما قل الثمن و الاكتفاء بالهامش الشرعي ألا و هو الثلث.
لأن كل ما قل هذا الثمن سيزيد الطلب و من كان يشترى كمية قليلة مرة في الشهر يصبح يشتريها يوميا و هكذا تدور العجلة و تدور معها أرباح التاجر ماديا وشرعيا...
لكن تبقى هذه اللغة في واد والتأثير المادي و الجشع و الاحتكار في ود أخر . الأمل الوحيد يبقى في الدراسات والبحوث الطبية وتقدمها في الكشف عن أضرار كل مادة "تغير لونها إلى لون اللحوم الحمراء" ...

ليست هناك تعليقات:

بحث مخصص