رأي في السياسة

آخر العناوين...

22‏/4‏/2010

مياه النيل هل تتحول من نعمة إلى "غص" مؤلم ؟

"النيل في القاهرة"
( صورة : ويكيبيديا)



دول منبع مياه النيل العظيم مصرة على "التمرد" معتبرة بنود اتفاقية المقننة لتلك المياه إجحافا في حقها .الاتفاقية جرى تفصليها ووضعها في عهد الاستعمار البريطاني ،وبموجبها كانت لدول المصب وبالخصوص مصر مزايا كبيرة ، يبدو أنها الآن على المحك ، من أهم تلك المزايا إخطارهما ( أي مصر و السودان) المسبق من دول المنبع بأي مشاريع وتمنعها (أي دول المنبع) من إقامة السدود وغير ذالك.
الدول الإفريقية التي لم تشترك و لم تكون طرفا أثناء تحرير تلك الاتفاقية ،لأنها ببساطة كانت تحت الاحتلال ، ترى في تلك الاتفاقية وضعا شاذا لا بد من تصحيحه ، وتطالب بإعادة صياغتها ،أي الاتفاقية ، بما يحفظ مصالحها باعتبارها دول المنبع ومن حقها الاستغلال و الاستفادة أكثر بتلك المياه . وهددت تلك الدول السبع (إثيوبيا، أوغندا، كينيا، بوروندي، الكونغو الديمقراطية، تنزانيا ورواندا) بإعادة صياغة و توقيع على اتفاقية جديدة بينها حتى بدون دول المصب ( مصر و السودان) .مما يعتبر تهديد واضح و جدي .
موقف وضع الدولتين وخاصة مصر ، في وضع حرج لا يحسد عليه ومطب لا يعرف كيفية تجاوزه ، رغم أن مصر تحاول  الظهور بمظهر "للامبالاة" ظاهريا ومحاولة عدم إبرازها كقضية خطيرة وتجاهلها قدر الإمكان إعلاميا والعمل في الكواليس لمحاولة حلها بدون الظهور أن موقفها ضعف في قضية تعتبرها سيادية وخط أحمر لا تسمح لأي من كان تجاوزه.
وتقول مصادر موثوقة أن مصر تعمل جاهدة على تكوين ملف قانوني عن القضية لعرضه على التحكيم الدولي في حالة تنفيذ دول المنبع تهديداتها . ومصر تحاول التركيز على نقطة معروفة وهي لا يجوز المس ( حدود ،اتفاقيات ...) وضعت في الحقبة الاستعمارية ،لأن يعني ذالك فتح المجال لخصومات ومشاكل بين الدول لا نهاية لها.
الأخطر ، أن البعض في مصر يريد تعقيد المسالة أكثر بإطلاق تصريحات هنا و هناك ، منها حتى التهديد بإعلان "الحروب" و ما شابه ذالك ، لأنهم كما يعتقدون المسألة "حياة أو موت" وأن أمن القومي ومصالحه الإستراتجية الحيوية في خطر...
لكنهم لم يشرحوا كيف يتم تنفيذ ذالك ، وكيفية "تأديب" تلك الدول عن بعد آلاف الكيلومترات ، هل بمحاصرتها جوا و بحرا وإرسال أساطيل تنطلق من أعالي البحار أو دكها وتدميرها بصواريخ عابرة للقارات أو محملة برؤوس نووية...
الكل يعرف أن تلك الدول ما كانت لتتحرك لولا أيادي لها مصلحة في الضغط نفسيا ،اقتصاديا و اجتماعيا على مصر و إضعافها إلى أدنى درجة ممكنة وضربها في الصميم وفي كل الأماكن التي تؤلمها بشدة وبطبيعة الحال النيل ، ولا يتصور أحد مصر بدون النيل أو مصر بدون مياه النيل ...
وهذه الجهة معروفة والمؤسف تربطها معها اتفاقية "سلام و حسن الجوار" وتحصل منها على مزايا أمنية واقتصادية لا تقدر بثمن و لا يحلم بها أحد من "ضبط التهريب"... إلى مزايا اقتصادية الشبه مجانية.
ويرى الكثيرون أن هذا ما كان هذا سيحدث لولا "سياسة سوء التقدير" وترك المجال الإفريقي ليلعب فيه الكيان الصهيوني كما يشاء ...هذا المجال الذي كان بالأمس القريب امتدادا لأمن القومي العربي عامة والمصري خاصة...

ليست هناك تعليقات:

بحث مخصص