وأخيرا حدثت المعجزة ، حصل التقارب التاريخي بين قطبين متنافرين ، تقارب رسمه اللقاء بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، الذي يزعم أنه يمثل القطب الديمقراطي أو العالم الحر ، و زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون ، المصنف في خانة الأنظمة الشمولية بالوراثة...
تكون تلك المصافحة التي حدثت بين الرجلين في سنغافورة الخطوة الأولى لكسر جبل من الجليد الذي يفصل بين المعسكرين متباينين في شتى الميادين...
لكن من الخطأ التصور أن هذا التقارب يكون متكافئ ، لأن ما يهم الولايات المتحدة من هذا التقارب هو بالأساس تدجين هذا النظام وتفكيك عضلاته الذي يعمل جاهدا على جعلها غير تقليدية...
وهو في كل مرة يرسل إشارات غير مطمئنة التي تقوي مخاوف جيرانه بالخصوص جارته الشقيقة كوريا الجنوبية و اليابان ، أكثر من ذلك تهديد حتى الولايات المتحدة نفسها، حامية تلك الدول ،بتحويلها إلى جزر ملتهبة...
صحيح ، عمليا مثل هكذا تهديد يدخل فقط في إطار التعبئة النفسية. لأن لا يُمكن مقارنة ترسانة الولايات المتحدة التقليدية و الغير التقليدية العابرة للقارات ببضع صواريخ مداها القصوى مياه بحر اليابان في أبعد التقدير...
مع ذلك ، حلفاء الولايات المتحدة بالخصوص البلدين المذكورين (كوريا الجنوبية و اليابان)، يريان في مجرد سعي جارتهما امتلاك هكذا قدرات غير تقليدية خطر استراتيجي على آمنهما القومي عاجلا أم آجلا...
لذلك هما لا يتوقفان على تفعيل جرس الخطر المباشر بالبيت الأبيض عن كل حركة يتم رصدها في المعسكر الشيوعي المغلق، الكثير من تلك الترصدات (الترصد) ، مُبالغ فيها عن قصد أو غير قصد...
ومنها قد يكون طُعم استخباراتي يلقيه النظام الكوري الشمالي لجيرانه المرعبين كي يُبقيهم دائما حتى الضغط النفسي والتعبوي...
بالمختصر المفيد، يكون النظام في كوريا الشمالية توصل إلى قناعة أنه أصبح عاجزا على مواصلة السباق المرهق مع معسكر مرتاح اقتصاديا وقوي عسكريا ...
وليس مستبعدا الصين ، التي كانت تحمي بطريقة أو بأخرى استمرارية وصمود الشقيق الأيدلوجي ، أن تكون لعبت دورا في هذا التحول الاستراتيجي ولتخلص من عبء الكفالة المكلفة...
وقد يعيد التاريخ نفسه ونرى نفس ما حصل لرائدة الكتلة الشيوعية الاتحاد السوفيتي ، التي انهارت بمجرد أراد صاحب نظرية " البيريسترويكا " إعادة الهيكلة و التغير...
وإذ بها شرارة التي فككت كل شيء بشكل لم يكون يتخيله حتى الخصوم .وهو نفس السيناريو المنتظر الذي يكون بدأ فعلا من مصافحة لقاء سنغافورة...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق