مخاوف أوروبية
بدأت تخرج للعلن على أن الولايات المتحدة تحت إمرة الرئيس الحالي دونالد ترامب،
ستتخلى عن أوروبا لتواجه مصيرها المحتوم أمام زحف الدب الزاحف من الشرق...
الرئيس الأمريكي
الحالي الذي يرى الأمور من نواحيها التجارية على حساب الرؤية الإستراتيجية، بدأ
يثقل كاهل الأوروبيين بشروط مالية ومادية...
ملوحا عدم تلبية مطالبه إمكانية سحت قواته من أوروبا
وإعادة رسم خريطة المشهد الموجود منذ نهاية الحرب الكونية الأخيرة ، الذي عُزز
فيما بعد بانهيار الكتلة الشرقية والتمدد الأوروبي نحو الشرق بضمها دول كانت تحت
النفوذ الكتلة المُنهارة ...
بمعنى ، تعرية
القارة العجوز أمام طموحات دب نفض عن نفسه طبقات الجليدية السميكة التي كانت تغطيه
واظهر أن له مخططات إستراتيجية ربما تفوق بكثير ما كان موجود في أفكار أسلافه
الذين تعاقبوا على قصر الكرملين قبل أن تعصف بهم "نظرية البيريسترويكا " المشؤومة...
المخاوف الأوروبية
لها ما يبررها من تصرفات وقرارات الرئيس ترامب منذ وصوله إلى مقاليد الحكم بدءا
بالشأن الداخلي وتلك العواصف التي أحدثها التي مازال الكثير منها لم تهدأ زوابعها...
مرورا بما هو حاصل
خارج الولايات المتحدة وإذا أخذنا سوريا كمثال ، التي سُلمت تسليما لبوتين وأصبح
له موقع قدم في منطقة كانت من ضمن النفوذ الاستراتيجي الأمريكي وبدرجة أقل النفوذ
الأوروبي...
ما كان ليجرؤ الرئيس
بوتين أن يفكر مجرد تفكير في اختراق هذا النفوذ لو لم تكون هناك تفاهمات ما حصلت
بين الطرفين ، أي بوتين و ترامب. علاقة تشوبها الكثير من نقاط الظل و علامات الاستفهام...
ربما التحقيقات
التي يقوم بها المحقق الأمريكي الخاص عن
دور روسيا في الانتخابات الأمريكية الأخيرة التي أوصلت دونالد ترامب لسدة الحكم
ستكشف لغز هذه العلاقة المبهمة الموجودة بين الطرفين...
لكن المخاوف عند
انتهاء التحقيق تكون الأضرار المادية و المعنوية التي ألحقها الرئيس دونالد ترامب بالولايات
المتحدة كإمبراطورية مترامية الحدود و المصالح غير قابلة للإصلاح...
لهذا القارة
الأوروبية عليها انتظار الأسوأ وعليها أخذ سيناريوهات الأكثر سوءا كمرجع . وهذا ما تنبأت به تلميحا الصحف الأوروبية بتوقعها أن يسحب ترامب قواته من أوروبا ومن أوكرانيا تحديدا وقد يمتنع المشاركة في
فعاليات الناتو ، القوة الردع في وجه طموحات بوتين...
وأكثر تخوف من
المسؤولين الأوروبيين هو ما قد يحصل في قمة بوتين-ترامب المقبلة والمساومات التي
قد تحصل بين الطرفين ، من بينها...
خفض القوات الأمريكية في أوروبا مقابل ضغط روسي
لسحب القوات الإيرانية من سوريا ، تلبية لضغوطات الإسرائيلية التي لولاها ما وصل
تعفن الوضع السوري لما هو عليه الآن...
خلاصة القول ، أوروبا
بدأت تحس وتشعرا أن المظلة الأمريكية بدأت
فعلا في التآكل وعليها أن تجدد هي بنفسها مظلتها إذا أرادت الاستمرار في الوجود ولن تصبح عبارة
سلعة للمساومة...
وأن أمنها القومي من مسؤوليتها وحدها وإلا سيكون
مصيرها نفس مصير سوريا أين أصبح بوتين اللاعب
الوحيد في ميدان لا ينافسه فيه أحد...
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
08.07.2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق