رحل الملك عاش السلطان
"مجموعة أهم الأحداث" : عندما كان المصريون المحتشدون في الساحات و الشوارع وفي البيوت وعيونهم متجهة نحو الشاشات التلفزيون في انتظار الخبر العاجل الذي طال انتظاره ليقول الرئيس كلمته الأخيرة ويرحل ، وإذ به يفوض و لا يرحل ...
المنتظرون لم يكون يهمهم من الخطاب الرئيس تلك المقدمة عن ماضيه وما قدمه من تضحيات للشعب المصري في الجو وفي الحرب و في السلام ،على حسب تصوره ، أو ما أتخذه من قرارات تعديل و إلغاء بعض المواد من الدستور الذي كان يطالب بها في السابق الشعب المصري ، محاولة منه أن تكون تلك الخطوات المتأخرة جدا أن تطفئ نيران الثورة الملتهبة.
تلك المطالب أصبحت من الماضي والآن مطالب الشعب اكبر من ذالك بكثير ولا أقل من الرحيل الفوري و بالجملة و ليس بالتقسيط.
لكن خاب ظن الشعب المصري بعد الظهور ليقول انه فوض صلاحياته لذراعه الأيمن وعيون النظام ، عمر سليمان، رئيس الجهاز الاستخبارات الذي سهر طيلة هذه العقود الطويلة في خدمة و حماية هذا النظام وضرب بيد من الحديد كل من يفكر مجرد تفكير في التغيير..
لقد قال حسني مبارك أنه فوض نائبه وفقا لأحكام الدستور لكنه بدون أن يتخلى عن الحكم مما أثار غضب المتظاهرين في ميدان التحرير ومن ورائهم 80 مليون مصري.
وقال مبارك في خطابه الثالث ، من المفروض أنه سيكون الأخير على غرار جاره السابق ، أنه رأى من المصلحة العليا للبلد ومفترق الطرق الموجود فيه فرض عليه (أي الرئيس حسني مبارك) "من الحكمة تغليب المصلحة العليا لهذا البلد" ،على حسب تعبير الرئيس "النصف المعزول".
رغم أن الكثير من القانونيين يرون في هذا التفويض مجرد تكليف الرئيس لنائبه تسيير الأمور الروتينية للبلاد لفترة معينة ،ولا يجوز لهذا الأخير حل المجالس المنتخبة أو تعديل الدستور وما شابه ذالك ... وهي الأسس الرئيسية للأزمة التي تعصف بالبلد ،لذالك هذه الخطوة تعتبر شكلية لا تحل الأزمة بل ستزيد الوضع تعقيدا .
والغريب في الأمر نفس الرئيس بالأمس القريب كان يسخر من الذين كانوا يصرخون بأن الانتخابات الأخيرة كانت مزورة من رأسها حتى قدميها وتعديل تلك القوانين المفصلة تفصيلا للتمديد و التوريث ، قائلا بكل سخرية و استهزاء "أتركهم يحلمون"...
وضمن ما قاله الرئيس في خطابه الثالث "أن الدماء الشهداء لن تذهب هدرا"، ولم يوضح كيف يتم ذالك ،هل سيقدم نفسه إلى محكمة الجنايات بتهمة القتل العمدي مع السبق الإصرار والترصد ،بصفته القائد الأعلى لكل مؤسسات الدولة التي كانت عبارة عن أيادي نظامه تنهب في خيارات و مقدرات البلد وتطلق الرصاص الحي على صدور متظاهرين خرجوا لتعبير السلمي من أجل التغيير ووقف نزيف النهب ثروات البلد .
تلك الأيادي التي كانت تتلقى الأوامر مباشرة من رأس النظام لم تكتفي بذالك بل أطلقت "البلطجية" و أفرغت السجون من المجرمين لكي يعيثوا في البلاد و العباد فسادا على فساد...
لكن كل ذالك ، نظام حسني مبارك انتهى عمليا وسقوطه جاري بالتقسيط ، بداية من لا تمديد ليتبعه لا توريث ثم التفويض والوقت الإضافي سيكون الرحيل النهائي للنظام و توابعه...
ومن المؤكد أنه لن يأسف على رحيله أحد في مصر و خارج مصر ، إلا الكيان الصهيوني الذي يبكي ليلا و نهارا على فقدن "حليف" و "صديق" ، قدم لهذا الكيان ما لم يقدمه الصهاينة لأنفسهم ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق