رأي في السياسة

آخر العناوين...

10‏/8‏/2012

متى سينشق الأسد ؟



"مجموعة أهم الأحداث" : النظام في سوريا بقيادة الأسد الابن مازال صامدا في وجه العاصفة و لا يعرف كم يكلف المزيد من هذا الصمود من دماء و دموع الشعب السوري وبنيته التحية التي أنجزها بالمال و العرق.
وهنا ليس المجال للنقد النظام القائم في سوريا أو التقليل من وطنيته أو من انجازاته طيلة العقود الذي مكث فيها في السلطة. قد يكون حقق الكثير في مجال التطوير بشقيها المدني و العسكري . لكن ما الفائدة من تلك الانجازات إذا كان مصيرها التبخر كلما طال عمر الأزمة... 
وكما ذكر في مواضيع سابقة ، الزعامة لا يعني التشبث بالسلطة و لنا أمثلة كثيرة ومتنوعة في بلدان النظام يسقط ربما لمجرد نقد صغير يظهر على الصحف ولحادث ربما يكون عرضي يسقط فيه أرواح بشرية أو خسائر مادية ، تجد في اليوم التالي الحكومة هي ورئيسها تستقيل.
أما في العالم العربي تجد الحاكم متشبث بالسلطة حتى ولو زهقت أرواح شعبه بالكامل أو دمر البلد ولم يبقى فيه لا بشر و لا حجر...
ولنا أمثلة على الأقل في مدى المنظور ، بمعنى في العصر الحديث زعماء كان لهم الفضل في نجاة بلدانهم من أعاصير كادت تمحي وجودهم من الخريطة البشرية ، مع ذالك انسحبوا عند نهاية مهمتهم ولم يدعوا أنهم بفضلهم عبر العباد و البلاد إلى الشاطئ النجاة لذلك هم باقون فيها (أي السلطة) و توريثها بعد رحيلهم النهائي .
كمثال ، الزعيم البريطاني "تشرشل" الذي لا يختلف اثنان أنه بفضل حنكته السياسية و شجاعته ورؤيته الإستراتيجية الحكيمة أنقذ البلد من أن تصبح من "بريطانيا العظمى" إلى مجرد مقاطعة ما وراء البحار تابعة للرايخ الثالث.
وبمجرد أن وضعت الحرب أوزارها بانتصار بريطانيا و حلفائها أجريت انتخابات قال له الشعب "مع السلامة يا تشرشل" . فقال لهم "مع السلامة"، ولم يقل لهم كيف أن الذي أنقذتكم و البلاد من الضياع تطردوني من الحكم ولم يحاول التشبث بالسلطة رغم انه كان في مركز قوة . رحل "تشرشل" لكنه بقى قائدا عزيزا في قلوب البريطانيين ذكراه تتوارثها قلوب الأجيال ...
والمثال الآخر ، الزعيم الفرنسي "الجنرال ديغول" لا يختلف عليه أيضا اثنان  بأنه منقذ فرنسا بعد كادت من أن تصبح فرع لبلدية برلين وقوس نصرها يتحول إلى ميدان يقيم فيه "الفوهرر" احتفالاته السنوية . أو التفكك عند انتصار الحلفاء  لو بقت حكومة "فيشي" ، الموالية للنازية ، في السلطة .
ورغم ذالك انسحب من السلطة هو أيضا و لم يعود إليها إلا عندما طالبه الشعب الفرنسي بالعودة للحكم ظنا منه (الشعب الفرنسي) أنه (أي الجنرال ديغول) سينقذ فرنسا من مخالب الثورة الجزائرية .
وكان انسحابه الأخير والنهائي إلى بيته ومات في هدوء ،ولم يقول لهم "أنا فرنسا و فرنسا أنا" . ورغم رحيله عن السلطة ثم عن الدنيا  بقى حيا هو أيضا  في قلوب الفرنسيين حتى من الذين لم ينتخبوه أو كانوا يعارضون سياسته.
  خاصة فيما يتعلق بسياسة التي اتبعها اتجاه الجزائر والذي فهم  أن على فرنسا الرحيل قبل الغرق أكثر في الأوحال . بذلك يكون أنقذ فرنسا مرتين.  وهكذا هو الفرق بين زعماء "ينشقون" بمحض إرادتهم   وزعماء يرحلون (بضم الحرف الأول) و لا "ينشقون"...




حمدان العربي الإدريسي
10.08.2012

ليست هناك تعليقات:

بحث مخصص