خبير مصري قدم خلال برنامج في إحدى القنوات الفضائية تشخيصا مفصل لما جرى و يجري في جمهورية مصر العربية من سياسة ممنهجة و مبرمجة لنشر الفقر بين طبقات واسعة من المجتمع وتعميق الهوة أكثر فأكثر بين أغلبية شعب فقير و طبقة أثرياء متنفذة ، تطبخ قوانين على مزاجها و حسب مقاسها ، صورة مطابقة الأصل لما يحصل في كثير من البلدان الأخرى.
في الحقيقة ما قاله ذالك الخبير ليس سرا أو لغزا بل حقيقة يعرفها و يلمسها الجميع ،لكن أن يأتي ذالك على لسان خبير بالتحليل و بالأرقام فهذا ما يعطيه مصداقية أكثر .
الخبير أعطى تفسيرات مقنعة عن سبب انتشار الفقر و العوز بين طبقات الشعب و الاختفاء الكلي و القسري للطبقة الوسطى لتبقى طبقتين لا ثالث لهما ، طبقة صغيرة متنفذة في "الأعالي " و طبقة كبيرة و عريضة في أسفل السافلين همها الوحيد كيف الوصول اليومي للقمة عيش "الحافي " لا غير ...
تحليلات الخبير تبين كيف أن الفساد بضاعة تصنع بمواصفات وقوانين لتصبح مرتبطة ارتباط عضوي بالسلوك البشرى وتوغله في كافة الأجهزة الحكومية . لأن المواطن أو الموظف ، ماهيته المجمدة منذ زمن بعيد يقابلها ارتفاع فاحش في المواد المعيشية و الخدمات من كهرباء و ماء و نقل والعلاج الطبي ... ، يجد نفسه مكرها و مجبرا على مد يداه في جيوب الآخرين من خلال الرشوة أو تحت أسماء أقل وطأة مثل "الإكراميات" ...
يقابلها قوانين يصبح من خلالها ذالك "المتنفذ" في ليلة و ضحاها من أصحاب المليارات ، كحصوله على امتيازات ، مفصلة تفصيلا أو حصوله على تنازلات من عقارات عمومية ( أراضي ، أو معامل و منشات...) مجانا أو أكثر تقدير "بالقرش الرمزي" ليعيد بيعها بالمليارات بدون أدنى مجهود...
الأخطر من هذا كله ، كما شرحه ذالك الخبير ، محاولات السلطة التنفيذية المستميتة تجاه السلطات التشريعية و القضائية وجعلها تستفيد من تلك الامتيازات من أجل تحييدها عن دورها الرقابي و السير وراءها بدل مراقبتها ، ومن يرفض ذالك يجد نفسه في قائمة المغضوب عليهم ، هذا إن كان محظوظا و لم يجد نفسه ما وراء الشمس...
المهم أن هذا الخبير أعطى تفسيرا مقنعا أن الفقر الشعوب ليس "قضاء و قدر" ، وإنما "سياسة وقوانين " ، يضعها الإنسان نفسه ، الذي لا ينطبق عليه قول الله عز و جل {الذين إن مكانهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة، وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} (الحج:41).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق