رأي في السياسة

آخر العناوين...

18‏/4‏/2011

"حقبة أحكم و أرحل "



"مجموعة أهم الأحداث" : النظام العربي الرسمي منذ نشأته الأولى  على أنقاض تفكك الدولة العثمانية التي كانت  تمثل الخلافة للمسلمين  وتقسيمات "سايكس – بيكو ، مر هذا النظام (أي النظام العربي) بحقبتين وهو الآن يولج في الثالثة.
والكلام هنا يخص الأنظمة التي تبنت النظام الجمهوري أو التي تحولت من ملكية إلى جمهورية كمثال العراق ،  أما التي تبنت النظام الملكي فموقعها واضح منذ البداية.
رغم أن في الأخير تبين أن لا فرق بين النظامين (أي الملكي و الجمهوري) ، بعد أن تبنت عدة دول نظام الوراثي في استمرارية الحكم مما يتناقض شكلا و مضمونا مع مبادئ النظام الجمهوري. عكس النظام الملكي الذي يتطابق تماما مع مبادئه ، أي يرتكز على الوراثة كأسلوب لاستمرارية النظام  .
قلنا ، أن النظام العربي مر بحقبتين والآن دشن بالفعل الحقبة الثالثة . الحقبة  الأولى ، حقبة "الشرعية الثورية" زالت مع زوال "القطب الشرقي" ، رغم أن لا ينكر أحد أن هذه الحقبة ، رغم مما يقال عن مساوئها ، استفادت منها الشعوب كثيرا وبفضلها انتقلت  الطبقة المحرومة إلى طبقة أعلى  ، المتوسطة على الأقل.
في ظلها أصبح الفلاح يملك الأرض بعد أن كان أجيرا من "الظلام إلى الظلام" بأبخس الأثمان وفي الكثير من الأحيان مقابل حفنات من الطحين لإسكات صرخات آلام  بطنه وبطون عائلته.
وانتقل هذا  الفلاح من ذالك  البيت "القصديري" المهين  بالقرب من "إسطبلات الحيوانات " ( أكرمكم الله) ،  إلى بيوت و شقق وقل ولما لا "فيلات" .   لم يكون يحلم بها  في الخيال حتى أصبح يشكك إذا كان مازال فعلا  على قيد الحياة في الدنيا أم هي حياة برزخية استعدادا للمرور إلى الحياة الأبدية...     
وفي ظلها (أي الشرعية الثورية) دخل ابن ذالك الفلاح المدارس و الكليات و الجامعات في داخل الوطن أو خارجه ، يدرس و يتعلم بالمجان المطلق ويتبوأ أعلى المناصب  . وتحت ظلها (دائما الشرعية الثورية ) كل الناس تعمل في المصانع و الإدارات ومرتاحة ماديا ونفسانيا  .
 وإذا أحس بوجع طفيفا يجد كل أبواب المستشفيات مفتوحة على أبوابها "ملائكة الرحمة" بلباس و قلوب بيضاء ووجوها تحسبها ورودا في عز الربيع يشفى منها  المريض قبل وصوله إلى الطبيب  ...
وجاءت الحقبة الثانية لتفكك وتصفي  الحقبة الأولى وتمحوها من جذورها  ،  بعد أن أصبح العالم أحادي القطب ومؤسساته المالية و الغير المالية تفرض شروطها التي زادت  الفقراء فقرا وأعادتهم  إلى مربعهم الأول ليستفيقوا بأنهم كانوا فعلا في حياة أخرى لكنها ليست برزخية .  في هذه الحقبة بالذات (أي الحقبة الثانية) ، ظهرت شرعية "التمديد و التوريث"...  
أما في الوقت الحالي فالنظام العربي ، في معظمه ،  يشهد حراكا الدخول  في "الحقبة الثالثة"  أي حقبة "أحكم وأرحل" قبل أن "ترحل"  (بضم التاء) .  بمعنى العودة إلى المفهوم وأسس النظام الجمهوري الذي يتناقض كليا  مع  مفهوم "التوريث" واحتكار السلطة ... الخ.
وما حصل للنظام المصري بقيادة الرئيس المخلوع ومن قبله النظام الذي كان قائما  في تونس ،  ستصبح قاعدة أساسية لكل من يريد تسلم الحكم في المستقبل ، بأن عليه "الرحيل" بعد انتهاء مدته القانونية ،  أو  أن "يرحل"  (بضم الياء) على الطريقة التي حصلت للنظام المصري أو على  طريقة "الهروب ليلا" والبحث عن مطار يقبل إضاءة أضوائه لطائرة كاد أن ينفذ وقودها، كما حصل لحكام تونس و "قرطاج" ،  أو على طريقة ما يحصل لحاكم صنعاء و صديقه حاكم طرابلس ... 
والخوف كل الخوف أن في المستقبل لا أحد يقبل تولي السلطة في العالم العربي والكل يتبرأ من "آهات" و "بلواي" الكراسي  ،  وتنشأ من ذالك "أزمة حكم" من نوع آخر...

ليست هناك تعليقات:

بحث مخصص