رأي في السياسة

آخر العناوين...

25‏/8‏/2011

رحم الله "ملوكا" في عهد "أباطرة "




"مجموعة أهم الأحداث": لا يخفى على أحد تلك الفرحة العارمة والنشوة الجارفة التي انتابت  وجدان كل مواطن عربي في كل مكان وهو يرى إحدى الإمبراطوريات تتهاوى جرفتها دماء و دموع  المتجمعة في بحيرات الغبن و  الأحزان طيلة أكثر من أربعة عقود  .
نفس النشوة انتابت تلك الشعوب عندما قام مؤسس هذه "الإمبراطورية"  زاعما في البداية أنها ثورة "جماهيرية"   هدفها القضاء  على الملكية و الرجعية والإقطاعية وتوريث الحكم ...الخ.
ليتبين في النهاية أن الحكم الملكي المطاح به كان حكم أرشد وأرحم . أكثر من ذالك عندما أطيح به ، أي الملك محمد إدريس الأول ، وهو كان في رحلة علاج في تركيا بصحبة زوجته لم يحاول الاستنجاد بأحد لاسترجاع ملكه و إدخال البلد في متاهات وسيلان الدماء.
كما هو حاصل الآن لإمبراطور المطرود من "عرينه" في باب العزيزية وهو يجمع يشحن في الهمم لإدخال البلاد في حرب أهلية قد  تأكل ما تبقى من اخضرار في هذا البلد  محاولة منه  لاسترجاع "عرشه" المنهار  .    
أما الملك المخلوع (محمد إدريس الأول  )  رضي بما كتبه له القضاء و القدر و سافرا ( هو وزوجته)  و استقرا في  مصر بلا مال و لا حسابات بنكية هنا و هناك في ضيافة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر الذي خصص لهما مأوى و مرتب شهري حتى رحيلهما عن هذه الدنيا في صمت وهدوء...  كان هذا هو مصير الذي أعلن بصوته استقلال ليبيا.          
أكثر من ذالك ، كان التداول للسلطة  التنفيذية في عهده تتم  بطرق السلمية ، وتداولت إحدى عشرة حكومة في مدة ثمانية عشرة سنة مدة حكمه  ، ولم نسمع عن فضائح  و فظائع هنا وهناك ارتكبت من طرف ورثة أو حاشية ذالك النظام.  
ومن قبله (على سبيل المثال لا الحصر) ، ملك مصر رغم مساوئ حكمه ، أو هكذا يقال ،  ولا يعرف كل ما قيل عنه صحيح أو هناك إضافات ، لأن التاريخ دائما يكتبه المنتصرون بأسلوبهم و طريقتهم الخاصة  . هذا الملك عندما تأكد بأن الأمر انتهى لم يطلب إلا تحية تطلقها على شرفه 21 طلقة مدفعية ليرحل في هدوء إلى منفاه .
رغم أن الشعوب مستعدة لإطلاق آلاف الطلقات المدفعية وأطنان من المفرقعات  على شرف حكامهم إذا فكروا يوما الرحيل طواعية لتركهم  وشأنهم ورفع الوصاية "الأبوية" عنهم  ينعمون  ولو بقليل من الحرية ويعبرون  عن رأيهم   علنا بدون خوف من القبضة الأمنية الصارمة وفروعها المتعددة و بأسماء  المتنوعة و المختلفة.
أنظمة ملكية تبين في نهاية الأمر أنها كانت  اقرب إلى شعوبها من أنظمة   شعاراها  "الجماهير" و" الجماهيرية"  وكله  باسم الشعب ! ...وما إلى ذالك من شعارات براقة و جذابة وهي  في الحقيقة أنظمة  أشد بطشا وظلما من أظلم  الإمبراطوريات التي عرفتها البشرية منذ فجر التاريخ وربما حتى غروبه. و لا يبقى للمرء إلا أن يقول رحم الله ملوكا  في عهد "أباطرة" ...






حمدان العربي الإدريسي
25.08.2011

ليست هناك تعليقات:

بحث مخصص