رأي في السياسة

آخر العناوين...

27‏/8‏/2017

إعلام مُغيب و إعلام مُتحيز...


الطفلة الفلسطينية التي دهسها المستوطن الصهيوني عمدا . الضائعة بين إعلام عربي مُغيب و إعلام غربي مُتحيز...






المتتبع  لما هو جاري في الإعلام يرى معارك أكثر شراسة و ضراوة من ميدان القتال .بعد  أن أصبح دور الإعلام  حاسما في توجيه الأحداث والتحكم في تأثيرها سلبا أو إيجابا...
وما الأحداث الأخيرة الجارية في بعض العواصم الغربية إلا عينة مما يحصل عند  كل  حدث و كيف يتم استغلاله بطريقة منهجية مهنية عالية الدقة...
هذه الأيام أين وليت وجهك لا تقرأ في الواجهة سوى عناوين ضوئية رباعية المضمون  تصب كلها ضد الإسلام: الله اكبر ، اللحية ، السكين و "داعش"...
من دهاء تلك الوسائل ليس هي التي تتهم الإسلام مباشرة و لكن تترك ذلك للمواطن الغربي ليذهب تفكيره مباشرة للإسلام بتوجيه مبطن منها  ...
عندما يقرأ المواطن الغربي أن فلانا ملتحيا اعتدى على الناس وهو يصيح الله أكبر .أو جنسية شخص الذي حاول طعن شرطي صومالية . أو الدولة الإسلامية المختصرة في  "داعش" ،  تبنت كل العمليات من  دهس وقتل وطعن بالسكاكين...
بفضل هذا الإعلام ، المواطن الغربي مصدق أن  هناك فعلا  دولة إسلامية تحاربهم في بيوتهم أجهزة بلدانهم الأمنية ،  التي تستطيع رصد مرور الذباب الأسود  في دهاليز الظلام، عاجزة على مواجهة ضرباتها المتلاحقة في كل مكان و زمان من موسكو شرقا حتى مدريد و ما وراء مدريد غربا...
والمواطن الغربي مصدق أيضا أن هذه الدولة المستعملة الدين الإسلامي كواجهة ، أصبحت من القوة أنها تواجه جيوشا بعدتها و عددها في عدة جبهات و في نفس الوقت . لكن الجبهة الوحيدة المستثنية من هذه الدولة هي جبهة فلسطين...
لو كان المواطن الغربي يستخدم ثقافته التحليلية بموضوعية لطرح على نفسه هذا السؤال ، لماذا هذا التنظيم بمرتبة دولة و بهذه القوة الضاربة و يديه تصلان إلى كل بقع العالم لا يضرب في إسرائيل حيث يوجد أعز المقدسات الإسلامية هدف كل مسلم حقيقي...
بالطبع وبدون أدنى شك ،  و سائل إعلامه ( الغربية) تعرف وتدرك ذلك لكنها لا تريد أو لا تستطيع تحلل له  ذلك كما تحلل  العمليات المشبوهة الجارية هنا و هناك ضده (المواطن الغربي) ، لتتركه في ظلمات  خوفه وكرهه للإسلام...
قلت إعلام غربي موجه ومتحيز ، يقابله إعلام عربي شبه مغيب عن الساحة فهو يتابع الأحداث و لا يُشارك في توجيها ، بمعنى دوره مختصرا في نقل الأخبار اغلبها مصادرها غربية...
من المفروض أن هذه القضية هي قضيته و تمس سمعته و لا يترك للآخرين التلاعب بالمصطلحات التي تمس جوهر معتقداته وتوضيح للمواطن الغربي باللغة التي يفهمها أن كل ذلك غير صحيح وأن هذه الجماعة التي تستعمل الدين الإسلامي كغطاء ما هي إلا منظمة تستغلها جهات عالمية نافذة لتمرير أجندة جيو-سياسية- إستراتيجية...
والدليل على ذلك هي تقتل المسلمين قبل غيرهم  في كل مكان من العالم ، في العراق و سوريا و ليبيا ، وغيرها . وإذا كانت ضد المواطنين الغربيين تستعمل السكاكين ففي جهات أخرى تستعمل أسلحة القتل الجماعي...
أيضا هذا الإعلام العربي تجده ينقل و يعمم الأخبار عن الهجمات التي تحصل في العواصم الغربية بدقة متناهية  و ينقل، في أحسن الأحوال ،  باحتشام ما يرتكبه الصهاينة في حق مواطنين عزل من قتل بكل الوسائل...
 و آخرها دهس مستوطن لطفلة عمدا لا تتجاوز السن السابعة .  الحدث مر مرور الكرام وكان بالإمكان أن يكون البرهان الحي  به نبرهن لهؤلاء من هو الإرهابي الحقيقي...
فإذا قارنا  مفهوم  الإرهاب بين من يعتدي بسكين ليظهر في الأخير أنه مصاب عقليا و يكون أستغل من طرف جهة قد تكون استخبارتية لتنفيذ عملية لتمرير عملية سياسية أو لخلط الأوراق...
وبين عمليات قتل جماعية لمواطنين عزل يقوم بها الكيان الصهيوني  أو من خلاله منظماته المتطرفة التي يراعها و يشرف عليه ، لو يفهم المواطن الغربي هذا لغير رأيه بالنسبة كبيرة جدا .  وهذا الأمر لن يكون عشوائيا لكن يتم  من خلال عمل إعلامي حاضرا  مهنيا  ،  مركزا عمليا و عالي احترافيا...
 كمثال ، تابعت مؤخرا تعليق أحد الأشخاص على خبر لصحيفة فرنسية تتكلم عن عدم وفرة محصول زراعة العنب هذا العام في فرنسا مما تترتب عنه نقص إنتاج الخمور في البلاد وإذ بذلك المعلق ينفض قائلا في تعليقه  : "أنكم كفرة تشربون الخمور، ونحن المسلمين أحسن منكم ، لا نشربها..."...
 بمعنى التخاطب لن يُترك لمن هب ودب. بالمختصر المفيد ، هذه نظرة عامة ، على الأقل من وجهة نظري ، للحالة التي وصل إليها الفرد العربي المسلم التائه بين إعلام مُتغيب أو مُغيب و سلوكياته الفردية  التائهة  بين  عجلات الأحداث...






بلقسام حمدان العربي الإدريسي
27.08.2017

ليست هناك تعليقات:

بحث مخصص