رأي في السياسة

آخر العناوين...

25‏/5‏/2010

أين كانوا ؟




السيد رئيس الدبلوماسية المصرية  ، حسب ما نقلت عنه وسائل إعلام ،   وهو يرد على منتقدي التقاعس الدبلوماسية  المصرية  في صون و الحفاظ على منابع نهر النيل وترك أيادي "معروفة"  بالتسلل إلى  "الفناء الاستراتيجي  " للمصر وترك ظهرها مكشوف لتلك الأيادي لتلعب كيفما شاءت بمستقبل أعز ما يملكه الشعب المصري، كالروح  بالنسبة للجسد .
السيد وزير الخارجية نفى في ذالك الرد  نفيا قاطعا  هذه الاتهامات جملة و تفصيلا والدليل على ذالك ، كما قال ،  أن   حجم التمثيل الدبلوماسي المصري هو الأعلى في إفريقيا .
 وهنا استوقفتني هذه الجملة بالذات "التمثيل الأعلى" . هل كان يقصد السيد الوزير "الأعلى"  في عدد الأشخاص أو الأعلى في نوعية ما قدموه هؤلاء  لصون تلك المصالح الإستراتجية لجمهورية مصر العربية مقابل ما حصلوا و ما يحصلون عليه  من مزايا وامتيازات لا تحصى و لا تعد  والمعروفة للقاصي و الداني  والمقطوعة من "قوت الغلابة".  
 وإذا كان هؤلاء فشلوا في صون هذه المصالح العليا  اقل شيء استدعائهم ومساءلتهم  عما كانوا يفعلونه  ؟  عندما كانت تلك الأيادي "الخبيثة"  تلعب في ذالك الفناء وتطبخ تلك الوصفات السامة للمساس بمصدر بقاء الأمة المصرية.
والمؤكد  ، أن تلك الدول ما كانت لتتحرك لولا تلك الأيادي والتي  لها مصلحة في ضرب مصر  نفسيا واجتماعيا وإضعافها  اقتصاديا إلى أدنى درجة من خلال ضربها  في الصميم وفي كل الأماكن التي تؤلمها بشدة وبطبيعة الحال النيل ، ولا أحد  ينكر بأن أكثر تلك الأماكن المؤلمة  للأمة  المصرية النيل و لا شيء أكثر من مياه النيل ...
ولا احد أيضا ينكر أن هذا ما كان  سيحدث لولا "سياسة سوء التقدير" وترك ذالك المجال ليلعب فيه كما يشاء كل   من له مصلحة  في ذالك  ...هذا المجال الذي كان بالأمس القريب امتدادا لأمن القومي المصري . وكانت بعض من تلك الدول التي تتطاول اليوم على مصر تركض ليلا نهارا لنيل صداقة ورضا دبلوماسية مصر العتيقة .
من جملة  ذالك السوء التقدير "القاتل"  ترك السودان ،  الامتداد الجغرافي و الاستراتيجي و التاريخي لمصر ،   لمصيره المحتوم ألا وهو التقسيم و التفتيت    ودعم كل من أراد ذالك أو على الأقل غض الطرف عن ذالك  ،  اختلاف في وجهات نظر  و"نكاية" بتوجهات  النظام السوداني. أكثر من ذالك  الضغط عليه وافتعال  مشاكل حدودية كقضية "المثلث حلايب"...  و جعلها أولية تسبق تلك المخاطر التي يتعرض لها الأمن القومي المصري على مدى المنظور و الأخطر على المدى البعيد.
أو الاهتمام بصيانة الحدود مع الكيان الذي يعمل في الخفاء و العلن على الإلحاق ذالك الأذى بالأمة المصرية .  كما تطالعنا الأخبار التي  تكاد تكون شبه يومية عن  أفارقة يقتلون  بكل بساطة و سهولة وبرودة الدم  صيانة للحدود ذالك الكيان    . أو تشديد الخناق على أهل غزة  فوق الأرض و تحت الأرض ،  بحجة احترام الاتفاقيات المبرمة مع هذا الكيان الذي في حياته ما احترم اتفاقية وما أحسن إلى أي يد أحسنت إليه ...
 قبل أن تتفطن تلك الدبلوماسية  وينتابها القلق بأن "السحر سينقلب على الساحر" وأن تقسيم السودان و انفصال جنوبه عن شماله  ستكون ضربة أخرى أكثر إيلاما  في ذالك الظهر المكشوف . وقلق هذه الدبلوماسية المتأخر أن تقدم "دولة جنوب السودان" المنتظرة بعد استفتاء على الاستقلال في شهر يناير المقبل ، على الانضمام لتلك الكوكبة من الدول المنبع التي تطالب بإعادة صياغة اتفاقية  توزيع مياه النيل ، وبذالك تكون مصر خسرت السودان كامتداد الاستراتجي وخسرت  مياه النيل كمصدر وجود و بقاء ...


حمدان العربي الإدريسي
25.05.2010

ليست هناك تعليقات:

بحث مخصص